المستخلص
|
فن بلا هوية، قبل سنوات كان صعباً علينا أن نفكر بفن لا ينتمي إلى جهة بعينها. إلى مكان ما. إلى ثقافة بعينها. كان ثمة تفكير مختلف بالفن، من خلاله، وصولاً إلى وظائفه والهدف منه. شيء ما تغير خلال العقود الماضية يسرَ عملية تفكيك علاقات عديدة، اتضح في ما بعد أنها لم تكن بالقوة التي تؤهلها للمقاومة والصمود والدفاع عن نفسها. ذلك الشيء هو مزيج من وقائع، بعضها كان مادياً فيما كان البعض الآخر روحياً. على المستوى المادي نلاحظ اتساع رقعة استعمال التقنيات الرقمية وغزارة الثروة المعلوماتية وتوزع اهتمام الذهن البشري بين ما هو مرئي وبين ما هو افتراضي (…). أما على المستوى الروحي فقد حل فراغ كبير بعد تفتت العقائد الفكرية الكبرى وانحسار تأثير النزعة الثورية المتمردة وسطوة السلوك النفعي الذي يقدم المصالح على المبادئ (…). ثمة نوع صامت من اليأس دفع بكثير من الفنانين إلى اللجوء إلى الأساليب المباشرة (المبتذلة والسوقية) في محاولة منهم للفت النظر إلى الكارثة التي تحيق بالمصير البشري وبالطبيعة من حولنا. قسوة متبادلة يعيشها الفن مستفزاً ومنفعلاً وأخوياً. هل صار العالم واقعياً أكثر مما يجب؟ وأيضاً هل تخلى العالم عن واقعيته بشكل مطلق؟ يتطلب فن يجاري الواقع في مبالغته أو في تخليه قدراً من النسيان. نسيان ماضيه التقني والفكري. صار علينا أن نرضى بفن لا نعرفه مثلما نعيش في واقع نحن غرباء فيه. ولهذه الأسباب صارت مسألة هوية الفن من المنسيات بعدما تعرضت هوية الفرد إلى التعدد إذا لم نقل إلى التشظي…
|